فصل: واختلفوا هل يجوز أن ينقلب الشياطين في صور الإنس أو في غير ذلك من الصور

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين **


  واختلفوا هل المصروع يرى الشيطان أم لا

على ثلاثة أقاويل‏:‏ فقال قائلون‏:‏ الجن لا يخبطون الناس ولا يستهلكونهم وإنما ذلك من جهة اختلاط الطبائع وغلبة بعض الأخلاط من المرة أو البلغم‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الشيطان يخبط الإنسان ويستهلكه ويراه الإنسان وما يسمع منه فهو كلام الشيطان‏.‏

وقال قائلون‏:‏ بل يخبط الإنسان ويصرعه ويوسوسه ولا يراه الإنسان وليس الكلام المسموع في وقت الصرع والاختباط كلام الشيطان‏.‏

فقال قائلون‏:‏ أنهم يوسوسون وقد يجوز أن يكون الله تعالى جعل الجو أداة لهم أو جعل لهم أداة ما غير الجو وذلك متصل بالقلب فيحرك الشيطان تلك الآلة من جهة بعض خروق الإنسان فيوصل الوسوسة إلى قلبه بتلك الآلة مثال ذلك أنك تأخذ الرمح وبينك وبين الإنسان عشرة أذرع فتكلم فيه فيسمع الإنسان إذا كان الرمح مجوفاً وكان متصلاً بسمعه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ جسم الشيطان أرق من أجسامنا وكلامه أخفى من كلامنا فيجوز أن يصل إلى سمع الإنسان فيتكلم بكلامه الخفي فيكون ذلك هو وسوسته‏.‏

وقال قائلون‏:‏ بل يدخل إلى قلب الإنسان بنفسه حتى يوسوس فيه‏.‏

  واختلفوا هل يعلم الشيطان ما في القلوب أم لا

على ثلاث مقالات‏:‏ فقال إبراهيم ومعمر وهشام ومن اتبعهم أن الشياطين يعلمون ما يحدث في القلوب وليس ذلك بعجيب لأن الله عز وجل قد جعل عليه دليلاً ومحال أن يدخل الشيطان قلب الإنسان ومثال ذلك أن تشير إلى الرجل‏:‏ أقبل أو أدبر فيعلم ما تريد فكذلك إذا فعل فعلاً عرف الشيطان كيف ذلك الفعل فإذا حدث نفسه بالصدقة والبر عرف ذلك الشيطان بالدليل فنهى الإنسان عنه هكذا حكى زرقان‏.‏

قال‏:‏ وقال آخرون من المعتزلة وغيرهم أن الشيطان لا يعرف ما في القلب فإذا حدث الإنسان نفسه بصدقة أو بشيء من أفعال البر نهاه الشيطان عن ذلك على الظن والتخمين وقال قائلون أن الشيطان يدخل في قلب الإنسان فيعرف ما يريد بقلبه‏.‏

  واختلفوا في الجن هل يخبرون الناس بشيء أو يخدمونهم

على مقالتين‏:‏ فقال النظام وأكثر المعتزلة وأصحاب الكلام‏:‏ لا يجوز ذلك لأن في ذلك فساد دلائل الأنبياء لأن من دلالتهم أن ينبئوا بما نأكل وندخر وقال قائلون‏:‏ جائز أن يخدم الجن الناس وأن يخبروهم ما لا يعلمون‏.‏

واختلفوا هل يطيق الشيطان على حمل ما يطيق البشر حمله‏:‏ فقال قائلون‏:‏ جائز ذلك وأن يحمل الأشياء الكثيرة‏.‏

وأنكر ذلك منكرون وقالوا‏:‏ في هذا بطلان دلائل الرسل وهذا قول الجبائي‏.‏

  واختلفوا هل يجوز أن ينقلب الشياطين عن صورها

فأجاز ذلك قوم وأنكر آخرون‏.‏

واختلفوا هل يجوز أن تظهر الأعلام على غير الأنبياء‏:‏ فقال قائلون‏:‏ لا يجوز أن تظهر الأعلام المعجزات على غير الأنبياء‏.‏

وقال قائلون‏:‏ جائز أن تظهر المعجزات على الأيمة وينزل الملائكة عليهم وهذا قول طوائف من الروافض وقد أفرط بعضهم في القول حتى زعم أنه جائز أن ينسخوا الشرائع وقد أفرط قوم من جنس هؤلاء من الخرمدينية حتى زعموا أن الرسل يأتون تترى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم لا ينقطعون‏.‏

وقال قائلون‏:‏ جائز أن تظهر المعجزات على الصالحين الذين لا يدعون النبوة ولا يجوز أن تظهر على المبطلين‏.‏

وقال قائلون‏:‏ قد يجوز أن تظهر المعجزات على الكذابين الذين يدعون الإلهية ولا يجوز أن تظهر على الكذابين الذين يدعون النبوة قال‏:‏ لأن من يدعي الإلهية ففي بنيته ما يكذبه في دعواه وليس من ادعى النبوة في بنيته ما يكذبه أنه نبي فهذا قول حسين النجار‏.‏

وقد جوز قوم من الصوفية ظهور المعجزات على الصالحين وأن تأتيهم ثمار الجنة في الدنيا فيأكلونها ويواقعون الحور العين في الدنيا ويظهر لهم الملائكة ويظهر لهم الشياطين فيحاربونهم ولم يجوزوا رؤية الله في الدنيا وزعموا أن هذه مواريث الأعمال‏.‏

وجوز آخرون كل ما حكيناه عن المتقدمين منهم وجوزوا أن يروا الله سبحانه في الدنيا وأن يباشروه ويجالسوه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ جائز أن تظهر المعجزات على الصالحين وأن تبلغ بهم مواريث الأعمال حتى تسقط عنهم العبادات وتكون الدنيا لهم مباحة وكل ما فيها ويسقط عنهم النهي ويحل لهم النساء وسائر الأشياء وهذا قول أصحاب الإباحة وزعموا أن العبادة تبلغ بهم حتى لا يهموا بشيء إلا كان كما يريدون وإن أرادوا أن تحدث لهم دنانير حدثت وكل ما أرادوا من شيء لم يستعصب عليهم وقد زعم بعضهم أن العبادة تبلغ بهم حتى يكونوا أفضل من النبيين والملائكة المقربين‏.‏

واختلف الناس هل الملائكة أفضل من الأنبياء‏:‏ فقال قائلون‏:‏ الملائكة أفضل من الأنبياء‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الأنبياء أفضل من الملائكة والأيمة أفضل من الملائكة أيضاً وهذا قول الروافض‏.‏

وقال قوم من المتنسكين أنه جائز أن يكون في الناس غير الأنبياء والأيمة من هو أفضل من الملائكة‏.‏

واختلف الناس في الجن هل هم مكلفون أم مضطرون‏:‏ فقال قائلون من المعتزلة وغيرهم‏:‏ هم مأمورون منهيون قد أمروا ونهوا لأن الله عز وجل يقول‏:‏ ‏"‏ يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض ‏"‏ وأنهم مختارون وزعم زاعمون أنهم مضطرون مأمورون وكذلك اختلافهم في الملائكة وفي أنهم مأمورون أو مختارون على سبيل اختلافهم في الجن‏.‏

فقال قوم‏:‏ لا يجوز إلا أن يريهم الله سبحانه نبياً أو يجعل رؤيتهم علماً ودليلاً على نبوة نبي وقد يقدر الله سبحانه أن يري عباده الملائكة والشياطين من غير أن يقلب خلقهم وقد يرى الإنسان الملائكة في حال المعاينة‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لا يجوز أن يروا بحال إلا أن يقلب الله خلقهم ويخرجهم عما هم عليه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ جائز أن يروا في الدنيا من غير أن يقلب الله خلقهم ومن غير أن يجعل ذلك دليلاً على نبوة نبي‏.‏

وذهب إلى إنكار الجن والشياطين ذاهبون وزعموا أنه ليس في الدنيا شيطان ولا جن غير الإنس الذين نراهم‏.‏

  واختلفوا هل يجوز أن ينقلب الشياطين في صور الإنس أو في غير ذلك من الصور

إذا أرادوا ذلك أم لا‏:‏ فقال قائلون‏:‏ جائز أن ينقلبوا إلى أي صورة شاءوا من الصور فيكون الشيطان مرة في صورة إنسان ومرة في صورة حية‏.‏

وقال قائلون من المعتزلة وغيرهم‏:‏ ذلك غير جائز ولم يجعل الله سبحانه إليهم أن ينقلبوا متى أرادوا‏.‏

فقال قائلون‏:‏ هو منهم ولكنه أخرج عن جملتهم لما استكبر على الله عز وجل وقال قائلون‏:‏ ليس هو من الملائكة‏.‏

  واختلفوا هل الملائكة جن أم ليسوا بجن

فقال قائلون‏:‏ هم جن لاستتارهم عن الأبصار ومن هذا قيل للجنين أنه جنين وقال قائلون‏:‏ ليسوا بجن‏.‏

  واختلفوا في السحر

فقال المعتزلة وغيرهم من أهل الإسلام‏:‏ السحر هو التمويه والاحتيال وليس يجوز أن يبلغ الساحر بسحره أن يقلب الأعيان ولا أن يحدث شيئاً لا يقدر غيره على إحداثه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ يجوز أن يقلب الساحر بسحره الإنسان حماراً وأن تذهب المرأة إلى الهند في ليلة وترجع‏.‏

وقال قائلون‏:‏ السحر ليس على قلب الأعيان ولكنه أخذ بالعيون كنحو ما يفعله الإنسان مما يتوهمه المتوهم على خلاف حقيقته‏.‏

  واختلفوا في المكان

فقال قائلون‏:‏ مكان الشيء ما يقله ويعتمد عليه ويكون الشيء متمكناً فيه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ مكان الشيء ما يمنعه منالهوى معتمداً كان الشيء عليه أو غير معتمد‏.‏

وقال قائلون‏:‏ مكان الأشياء هو الجو وذلك أن الأشياء كلها فيه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ مكان الشيء هو ما يتناهى إليه الشيء وإنما ذكرنا قول المنتحلين الإسلام في المكان دون غيرهم من الأوائل‏.‏

  واختلفوا في الوقت

فقال قائلون‏:‏ الوقت هو الفرق بين الأعمال وهو مدى ما بين عمل إلى عمل وأنه يحدث مع كل وقت فعل وهذا قول أبي الهذيل‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الوقت هو ما توقته للشيء فإذا قلت‏:‏ آتيك قدوم زيد فقد جعلت قدوم زيد وقتاً لمجيئك وزعموا أن الأوقات هي حركات الفلك لأن الله عز وجل وقتها للأشياء هذا قول الجبائي‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الوقت عرض ولا نقول ما هو ولا نقف على حقيقته‏.‏

واختلفوا هل يكون وقت لشيئين أم لا‏:‏ فأجاز ذلك مجيزون وأنكره منكرون‏.‏

واختلفوا هل يجوز وجود أشياء لا في أوقات

  واختلفوا في الدنيا ما هي

فقال قائلون‏:‏ هي الهواء والجو وهذا قول زهير الأثري‏.‏

وقال قائلون‏:‏ قول القائل دنيا واقع على كل ما خلقه الله سبحانه من الجواهر والأعراض وجميع ما خلقه الله سبحانه قبل مجيء الآخرة وورودها‏.‏

واختلف المتكلمون في الخبر ما هو‏:‏ فقال قائلون‏:‏ كل ما وقع فيه الصدق والكذب وهو مع هذا يشتمل على ضروب شتى منها النفي والإثبات والمدح والذم والتعجب وليس منه الاستفهام والأمر والنهي والأسف والتمني والمسألة لأنه ليس يقال لمن ينطق بشيء من ذلك صدقت ولا يقال له كذبت‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الخبر هو الكلام الذي يقتضي مخبراً وإنما سمي خبراً من أجل المخبر به فإذا لم يكن مخبر لم يسم الكلام خبراً وأبى هذا القائلون الذين حكينا قولهم آنفاً‏.‏

  واختلفوا في الكلام ما هو

فقال قائلون‏:‏ الكلام هو ما لا يخرج من أن يكون أمراً أو نهياً أو خبراً أو استخباراً أو تمنياً أو تعجباً أو سؤالاً وهو بمخرج الأمر إلا أنه يسمى سؤالاً إذا كان لمن فوقك‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الكلام هو القول وقد يخرج من هذه الأقسام كلها لأنه أمر لعلة المأمور نهي لعلة

  واختلفوا في الصدق والكذب

فقال بعضهم‏:‏ الصدق هو الإخبار عن الشيء على ما هو به والكذب الإخبار عنه بخلاف حقيقته بعلم وقع أم بغير علم‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الصدق الخبر عن الشيء على ما هو به إذا كان معه علم الحقيقة‏.‏

ثم اختلفوا في الكذب‏:‏ فقالت جماعة منهم‏:‏ الكذب هو الإخبار عنه بخلاف حقيقته وزاد سائرهم في الكذب الخبر عن الشيء بخلاف ما هو عليه بغير علم‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الصدق ذو شروط شتى منها صحة الحقيقة ومنها العلم بها ومنها أمر الله به والكذب ذو شروط أيضاً منها علم الحقيقة والعلم باعتماد نفيها ومنها النهي من الله عنه فأما ما وقع بغير علم فهو خبر عاثر لا يسمى صدقاً ولا كذباً‏.‏

واختلفوا هل يسمى الخبر صدقاً قبل وقوع مخبره أم لا على مقالتين‏:‏ فمنهم من سماه صدقاً قبل وقوع مخبره ومنهم من امتنع من ذلك‏.‏

  واختلفوا في الخاص والعام

فزعم زاعمون أن الخبر قد يكون خاصاً كالخبر عن الواحد من النوع المذكور اسمه في الخبر أو بعضه فيكون عاماً والعام ما عم اثنين فصاعداً ويكون عاماً خاصاً وهو ما كان في اثنين من النوع المذكور اسمه في الخبر أو فيما هو أكثر من ذلك بعد أن يكون دون الكل وهذا قول ابن الراوندي والمرجئة‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الخبر الخاص لا يكون عاماً والعام لا يكون خاصاً والخاص ما كان خبراً عن الواحد والعام ما عم اثنين فصاعداً وهذا قول عباد بن سليمان وغيره‏.‏

  واختلفوا في قول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ افعلوا ‏"‏‏!‏

هل يكون أمراً من غير أن يقارنه نهي عن ترك ما قال افعلوه‏.‏

فقال قائلون‏:‏ هو أمر لازم وإن لم يظهر النهي‏.‏

وقال آخرون‏:‏ لا يكون أمراً حتى يقارنه النهي عن ترك ما قال‏:‏ افعلوه وقول القائل‏:‏ افعلوا‏!‏ هو أمر لمن دونك وهو سؤال لمن هو فوقك‏.‏

  واختلفوا في الإثبات والنفي ما هو

فقال قائلون‏:‏ النفي متصل بالإثبات في العقل لأنك لا تنفي شيئاً إلا وقد أثبته على وجه آخر كقولك‏:‏ ليس زيد متحركاً أنت تثبت زيداً غير متحرك وأنت نفيت أن يكون ساكناً وأحال قائل هذا أن ينفى إلا ما هو شيء ثابت كائن موجود‏.‏

وقال قائلون‏:‏ النفي كل قول واعتقاد دل على عدم شيء أو كان خبراً عن عدمه ولا يجوز أن يكون المثبت منفياً على وجه من الوجوه وكذلك المنفي ليس بمثبت على وجه من الوجوه وكذلك الإثبات كل قول واعتقاد دل على وجود شيء أو كان خبراً عن وجوده ثم زعم صاحب هذا القول أن الإثبات في الحقيقة هو ما به كان الشيء ثابتاً والنفي ما كان الشيء به منتفياً في الحقيقة وهذا القول هو قول الجبائي‏.‏

وقال قائلون‏:‏ المثبت قد يكون منفياً على وجه والمنفي قد يكون مثبتاً على وجه كما تثبت زيداً موجوداً وتنفيه متحركاً وليس بمستحيل أن ينتفي الشيء بأن لا يكون موجوداً ولا يكون ثابتاً‏.‏

  واختلفوا هل يكون فعل للإنسان لا طاعة ولا معصية أم لا

على مقالتين‏:‏ فقال قائلون‏:‏ لا فعل للإنسان البالغ إلا وهو لا يخلو من أن يكون طاعة أو معصية وقال قائلون أن الأفعال منها طاعات ومنها معاص ومنها مباحات لم يأمر الله بها ليست بطاعة ولا معصية‏.‏

واختلف الناس هل يقال لم يزل الله خالقاً‏:‏ فأجاز ذلك قوم ومنعه آخرون‏.‏

واختلف الذين منعوا من ذلك هل يقال لم يزل الخالق أم لا‏:‏ وقال آخر‏:‏ يقال لم يزل الخالق واحداً عالماً وما أشبه ذلك ولا يقال لم يزل الخالق لأن القول لم يزل الخالق كالقول لم يزل خالقاً ونقول‏:‏ الخالق لم يزل وخالق لم يزل والقائل بهذا عباد بن سليمان‏.‏

  واختلفوا في النبوة هل هي ثواب أو ابتداء

فقال قائلون‏:‏ هي ابتداء وقال قائلون‏:‏ هي جزاء على عمل الأنبياء هذا قول عباد وقال الجبائي‏:‏ يجوز أن تكون ابتداء‏.‏

  واختلفوا هل يجوز أن توجد في الإنسان قوة ولا يقال قوي

فقال قائلون‏:‏ إذا كانت القوة في بعض أجزائه فهو القوي ولا جائز أن يكون قوة ولا قوي‏.‏

وقال قائلون‏:‏ إذا كانت القوة في بعض أجزائه لم نقل أن الإنسان قوي إلا أن تجامع القوة أمراً أو نهياً أو إباحة أو ترغيباً أو إطلاقاً فالأمر والنهي والإباحة والترغيب للبالغين والإطلاق للأطفال والبهائم والهوام والمجانين وكل من كانت له قوة معها هذا فهو قوي والقائل بهذا عباد بن سليمان‏.‏

القول في المقطوع والموصول‏:‏ زعم عباد أن أصل الموصول هو كل فعل من الفرض أو النفل لا يفعل بعضه ويترك بعضه تركاً لضد ذلك فإذا دخل فيه فاعله لم يدع منه ما يخرجه منه فكل ما كان من ذلك أو من جنس ذلك فهو يفعل إلى آخره فإذا دخل في أوله بلغ إلى آخره ولا يفعل بعضه ويدع بعضه ولا يفعل ثلثه ويدع ثلثيه فهذا أصل ذلك وزعم أن رجلاً لو دخل عند نفسه في الظهر فلما صلى ركعتين نظر إلى طفل يغرق فقد فرض عليه أن يخلص الطفل ولا يصلي قال‏:‏ وليس ما صلى طاعة وصلها ووصلها طاعة فيكون قد حرمت عليه الطاعات وذلك فاسد وزعم أن إنساناً لو أمسك في رمضان إلى نصف النهار ثم أكل أن إمساكه المتقدم طاعة لله لا صوم وزعم أن من أحرم ثم غشي امرأته قبل انقضاء الحج أن إحرامه طاعة لله ووقوفه طاعة مفترضة وعليه أن يقف بعد ذلك في المواقيت إلى انقضاء وقت الحج وليس ما فعل من الحج طاعة وعليه الحج من قابل‏.‏

وقال أكثر أهل الكلام أن من صلى ركعتين من الظهر ثم رأى طفلاً إن لم يخلصه غرق أنه إذا قطع صلاته فخلصه أن ما مضى من صلاته طاعة لله عز وجل وقد أتى ببعض الصلاة وكذلك القول فيمن أمسك عن الأكل بعض يوم أنه قد صام بعض يوم وأن صومه بعض اليوم طاعة لله وكذلك القول فيمن أتى ببعض الحج‏.‏

  واختلفوا في الصلاة في الدار المغصوبة على مقالتين

فقال أكثر أهل الكلام‏:‏ صلاته ماضية وليس عليه إعادة‏.‏

وقال أبو شمر‏:‏ عليه إعادة الصلاة لأنه إنما يؤديها إذا كانت طاعة لله وكونه في الدار واعتماده واختلفوا في الصلاة خلف الفاجر هل على فاعلها إعادة أم لا على مقالتين‏:‏ فقال قائلون‏:‏ لا يجوز صلاة الجمعة ولا شيء من الصلوات خلف الإمام الفاجر وعلى من فعل ذلك الإعادة وهذا قول أكثر المعتزلة‏.‏

وقال قائلون من المعتزلة وغيرهم‏:‏ الصلاة جائزة خلف البار والفاجر وليس على من صلى خلف الفاجر إعادة‏.‏

واختلف الناس في السيف على أربعة أقاويل‏:‏ فقالت المعتزلة والزيدية والخوارج وكثير من المرجئة‏:‏ ذلك أوجب إذا أمكننا أن نزيل بالسيف أهل البغي ونقيم الحق واعتلوا بقول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ وتعاونوا على البر والتقوى‏:‏ وبقوله‏:‏ ‏"‏ فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ‏"‏ واعتلوا بقول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ لا ينال عهدي الظالمين ‏"‏‏.‏

وقالت الروافض بإبطال السيف ولو قتلت حتى يظهر الإمام فيأمر بذلك‏.‏

وقال أبو بكر الأصم ومن قال بقوله‏:‏ السيف إذا اجتمع على إمام عادل يخرجون معه فيزيل أهل البغي‏.‏

وقال قائلون‏:‏ السيف باطل ولو قتلت الرجال وسبيت الذرية وأن الإمام قد يكون عادلاً ويكون غير عادل وليس لنا إزالته وإن كان فاسقاً وأنكروا الخروج على السلطان ولم يروه وهذا قول واخلفوا في إنكار المنكر والأمر بالمعروف بغير السيف‏:‏ فقال قائلون‏:‏ تغير بقلبك فإن أمكنك فبلسانك فإن أمكنك فبيدك وأما السيف فلا يجوز وقال قائلون‏:‏ يجوز تغيير ذلك باللسان والقلب فأما باليد فلا‏.‏

واختلف الناس في الحكمين‏:‏ فقالت الخوارج‏:‏ الحكمان كافران وكفر علي حين حكم واعتلوا بقول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ‏"‏ قالوا‏:‏ فأمر الله عز وجل وحكم بقتال أهل البغي وترك علي قتالهم لما حكم وكان تاركاً لحكم الله سبحانه مستوجباً للكفر لقول الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ‏"‏‏.‏

واختلفت الخوارج في كفر علي والحكمين‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ هو كفر شرك وهم الأزارقة ومنهم من قال‏:‏ هو كفر نعمة وليس بكفر شرك وهم الإباضية‏.‏

وقالت الروافض‏:‏ الحكمان مخطئان وعلي مصيب لأنه حكم للتقية لما خاف على نفسه‏.‏

وقال قائلون من الروافض‏:‏ تحكيم علي لا على طريق التقية وهو صواب‏.‏

وقالت الزيدية وكثير من المرجئة وإبراهيم النظام وبشر بن المعتمر أن علياً رضوان الله عليه كان مصيباً في تحكيمه الحكمين وأنه إنما حكم لما خاف على عسكره الفساد وكان الأمر عنده واضحاً فنظر للمسلمين ليتألفهم وإنما أمرهما أن يحكما بكتاب الله عز وجل فخالفا فهما المخطئان وعلي مصيب‏.‏

ووقف واقفون في هذا وقالوا‏:‏ نحن لا نتكلم فيه ونرد أمرهم إلى الله عز وجل فإن كان حقاً فالله أعلم به حقاً كان أو باطلاً‏.‏

وقال الأصم‏:‏ إن كان تحكيمه ليحوز الأمر إلى نفسه فهو خطأ وإن كان ليتكاف الناس حتى يصطلحوا على إمام فهو صواب وقد أصاب أبو موسى حين خلعه حتى يجتمع الناس على إمام‏.‏

وقال قائلون بتصويب علي في تحكيمه وأنه اجتهد‏.‏

وقال قائلون بتصويب الحكمين وتصويب علي ومعاوية وجعلوا أمرهم من باب الاجتهاد‏.‏

وزعم عباد بن سليمان أن علياً رضوان الله عليه لم يحكم وأنكر التحكيم‏.‏

  واختلفوا في إمامة عثمان وقتله

فقال أهل الجماعة‏:‏ كان أبو بكر وعمر إمامين وكان عثمان إماماً إلى أن قتل رحمة الله عليه ورضوانه وقتله قاتلوه ظلماً‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لم يكن إماماً منذ يوم قام إلى أن قتل وهؤلاء هم الروافض وأنكروا إمامة أبي بكر وقال قائلون‏:‏ كان مصيباً في السنة الأولى من أيامه ثم أنه أحدث أحداثاً وجب بها خلعه وإكفاره وهؤلاء هم الخوارج‏.‏

فمنهم من قال‏:‏ كان كافراً مشركاً ومنهم من قال‏:‏ كان كفر نعمة وثبتوا إمامة أبي بكر وعمر‏.‏

وقال قائلون‏:‏ كان إماماً إلى أن أحدث أحداثاً استحق بها أن يكون مخلوعاً وأنه فسق وبطلت إمامته وهذا قول كثير من الزيدية وقد ذكرنا عند شرحنا قول الزيدية كيف قولهم في إمامة أبي بكر وعمر وأنه وقف في أمره واقفون ولم يقدموا عليه بتخطئة ولا بلعن‏.‏

وقال أبو الهذيل‏:‏ لا ندري قتل عثمان ظالماً أو مظلوماً‏.‏

  واختلفوا في إمامة علي

فقال قائلون‏:‏ كان علي إماماً في أيام أبي بكر وعمر وأن الأمر كان له بنص النبي صلى الله عليه وسلم وأن الأمة ضلت حين بايعت غيره‏.‏

وقال قائلون‏:‏ كان أبو بكر الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر ثم عثمان ثم علي وأن الخلافة بعد النبوة ثلاثون سنة وهذا قول أهل السنة والاستقامة‏.‏

واختلف هؤلاء في إمامة أبي بكر كيف كانت‏:‏ فقال قائلون‏:‏ بأن وقف النبي صلى الله عليه وسلم ونص على إمامته‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لا بل دل على إمامته بأمره أن يصلي بالناس وبقوله‏:‏ ‏"‏ مروا أبا بكر أن يصلي بالناس ‏"‏ وبقوله‏:‏ ‏"‏ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ‏"‏ وقالوا‏:‏ قد دل الله سبحانه على إمامة أبي بكر في كتابه بقوله‏:‏ ‏"‏ ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ‏"‏ فجعل توبتهم مقرونة بدعوة الداعي لهم إلى قتال القوم وهم أهل اليمامة وأبو بكر دعاهم أو فارس فعمر دعاهم وفي ثثبيت إمامة عمر ثثبيت إمامة أبي بكر‏.‏

وقال قائلون‏:‏ كان أبو بكر إماماً بعقد المسلمين له الإمامة وإجماعهم على إمامته وكان عمر إماماً بنص أبي بكر على إمامته وكان عثمان إماماً باتفاق أهل الشورى عليه وكان علي إماماً بعقد أهل العقد له بالمدينة‏.‏

وقال قائلون‏:‏ كان أبو بكر إماماً ثم عمر ثم عثمان وأن علياً لم يكن إماماً لأنه لم يجتمع عليه وأن معاوية كان إماماً بعد علي لأن المسلمين اجتمعوا على إمامته في ذلك الوقت وهذا قول الأصم‏.‏

وقال قائلون بإمامة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وأنكروا إمامة معاوية وقالوا‏:‏ لم يكن إماماً بحال‏.‏

  واختلفوا في قتال علي وطلحة وفي قتال علي ومعاوية

فقالت الروافض والزيدية وبعض المعتزلة إبراهيم النظام وبشر بن المعتمر وبعض المرجئة أن علياً وقال ضرار وأبو الهذيل ومعمر‏:‏ نعلم أن أحدهما مصيب والآخر مخطئ فنحن نتولى كل واحد من الفريقين على الانفراد وأنزلوا الفريقين منزلة المتلاعنين الذين يعلمون أن أحدهما مخطئ ولا يعلمون المخطئ منهما هذا قولهم في علي وطلحة والزبير وعائشة فأما معاوية فهم له مخطئون غير قائلين بإمامته‏.‏

وقال قائلون‏:‏ سبيل علي وطلحة والزبير وعائشة في حربهم سبيل الاجتهاد وأنهم جميعاً كانوا مصيبين وكذلك قول هؤلاء في قتال معاوية وعلي وهذا قول حسين الكرابيسي‏.‏

وقال بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد أن علياً وطلحة والزبير مشركون منافقون وهم في الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه اطلع إلى أهل بدر فقال‏:‏ ‏"‏ اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ‏"‏‏.‏

وقالت الخوارج بتصويب علي في قتال طلحة والزبير ومعاوية‏.‏

وقال الأصم في قتال علي وطلحة والزبير‏:‏ إن كان قاتلهما ليتكاف الناس حتى يصطلحوا على إمام فقتاله لهما على هذا الوجه صواب وكذلك قال في قتالهما إياه وقال‏:‏ إن كان معاوية قاتل علياً ليحوز الأمر إلى نفسه فهو ظالم وإن كان قاتل ليتكاف الناس حتى يصطلحوا على إمام فقتاله على هذا الوجه صواب وإن كان قتاله لئلا يسلم ما في يديه إليه لم يتفق على إمامته فقتاله وقال قائلون‏:‏ نزعم أن علياً وطلحة والزبير لم يكونوا مصيبين في حربهم وأن المصيبين هم القعود ونتولاهم جميعاً ونبرأ من حربهم ونرد أمرهم إلى الله‏.‏

وقال عباد‏:‏ لم يكن بين طلحة والزبير وعلي قتال‏.‏

  واختلفوا في التفضيل

فقال قائلون‏:‏ أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي‏.‏

وقال قائلون‏:‏ أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم علي ثم عثمان‏.‏

وقال قائلون‏:‏ نقول أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت بعد ذلك‏.‏

وقال قائلون‏:‏ أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثم بعده أبو بكر‏.‏

وأجمع من ثبت فضل أبي بكر وعمر أن أبا بكر أفضل من عمر وأجمع من ثبت فضل عمر وعثمان أن عمر أفضل من عثمان‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لا ندري أبو بكر أفضل أم علي فإن كان أبو بكر أفضل فيجوز أن يكون عمر أفضل من علي ويجوز أن يكون علي أفضل من عمر وإن كان علي أفضل من عمر فهو أفضل من عثمان لأن عمر أفضل من عثمان وإن كان عمر أفضل من علي فيجوز أن يكون علي أفضل من عثمان ويجوز أن يكون عثمان أفضل من علي وهذا قول الجبائي‏.‏

  واختلفوا في الإمامة هل هي بنص أم قد تكون بغير نص

فقال قائلون‏:‏ لا تكون إلا بنص من الله سبحانه وتوقيف وكذلك كل إمام ينص على إمام بعده فهو بنص من الله سبحانه على ذلك وتوقيف عليه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ قد تكون بغير نص ولا توقيف بل بعقد أهل العقد‏.‏

واختلفوا هل يكون بعد علي إمام‏:‏ فقال أكثر الناس‏:‏ قد يكون بعد علي إمام وقال عباد بن سليمان‏:‏ لا يجوز أن يكون بعد علي إمام واعتل بأنهم أجمعوا في عصر أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أنه جائز أن يكون إمام واختلفوا بعد علي هل يجوز أن يكون إمام أم لا فلو جاز أن يكون بعد علي إمام لم يختلفوا في أن يكون بعده إمام أو لا يكون كما لم يختلفوا في ذلك في عصره لأن الأمة لا تجتمع على شيء تختلف في مثله‏.‏

  واختلفوا في كم تنعقد الإمامة من رجل

فقال قائلون‏:‏ تنعقد برجل واحد من أهل العلم والمعرفة والستر‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لا تنعقد الإمامة بأقل من رجلين وقال قائلون‏:‏ لا تنعقد بأقل من أربعة يعقدونها وقال قائلون‏:‏ لا تنعقد إلا بخمسة رجال يعقدونها وقال قائلون‏:‏ لا تنعقد إلا بجماعة لا يجوز عليهم أن يتواطؤا على الكذب ولا تلحقهم الظنة وقال الأصم‏:‏ لا تنعقد إلا بإجماع المسلمين‏.‏

  واختلفوا في وجوب الإمامة‏:‏ فقال الناس كلهم إلا الأصم‏:‏ لا بد من إمام‏.‏

وقال الأصم‏:‏ لو تكاف الناس عن التظالم لاستغنوا عن الإمام‏.‏

واختلفوا هل يكون الإمام أكثر من واحد‏:‏ فقال قائلون‏:‏ لا يكون في وقت واحد أكثر من إمام واحد‏.‏

وقال قائلون‏:‏ يجوز أن يكون إمامان في وقت واحد أحدهما صامت والآخر ناطق فإذا مات الناطق خلفه الصامت وهذا قول الرافضة وجوز بعضهم ثلاثة أيمة في وقت واحد أحدهم صامت وأنكر أكثرهم ذلك‏.‏

  واختلفوا هل يجوز أن يخلو الناس من إمام

فقالت الروافض‏:‏ لا تخلو الأرض من إمام وقال غيرهم‏:‏ قد يجوز أن تخلو الأرض من إمام حتى يعقد لواحد‏.‏

فقالت الزيدية وكثير من المعتزلة‏:‏ جائز أن يكون في رعية الإمام من هو أفضل منه وجوزوا أن يكون الإمام مفضولاً كما يكون الأمير مفضولاً في رعيته من هو خير منه‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لا يكون الإمام إلا أفضل الناس‏.‏

واختلفوا هل يجوز أن يكون الأيمة في غير قريش على مقالتين‏:‏ فقال قائلون من المعتزلة والخوارج‏:‏ جائز أن يكون الأيمة في غير قريش وقال قائلون من المعتزلة وغيرهم‏:‏ لا يجوز أن يكون الأيمة إلا من قريش‏.‏

واختلف الذين قالوا لا يكون الأيمة إلا من قريش في أي قريش تكون على مقاليتن‏:‏ فقالت الروافض‏:‏ لا يكون الأيمة من قريش إلا في بني هاشم خاصة وقال قائلون‏:‏ قد يكون الأيمة من غيرها من قريش‏.‏

واختلف الذين قالوا لا يكون الأيمة إلا من بني هاشم في أي بني هاشم على مقالتين‏:‏ فقال قائلون‏:‏ في العباس بن عبد المطلب وفي ولده لا تكون في غيرهم وهم الراوندية وقال قائلون‏:‏ هي في علي وولده لا تكون في غيرهم‏.‏

  واختلفوا إذا اجتمع قرشي وأعجمي وتساويا في الفضل أيهما أولى

على مقالتين‏:‏ فقال ضرار بن عمرو‏:‏ يولى الأعجمي لأنه أقلهما عشيرة وقال سائر الناس‏:‏ يولى القرشي فهو واختلفوا في الإمام إذا مات ببلده فبايع من بحضرته رجلاً وبايع غيرهم آخر في وقته أو قبله‏:‏ فقال قائلون‏:‏ الإمام هو الذي عقد له في بلد الإمام دون غيره وقال قائلون‏:‏ هو الذي عقد له أولاً ببلد الإمام كان أم بغيره‏.‏

  واختلفوا إذا بايع قوم إماماً وبايع آخرون إماماً آخر في وقت واحد

فقال قائلون‏:‏ يقرع بينهما فأيهما خرجت قرعته كان إماماً دون الآخر وقال آخرون‏:‏ يقال لهما أن يعتزلا ثم يعقد لأحدهما أو لغيرهما وقال آخرون‏:‏ أيهما امتنع من أن يعتزل لم يكن إماماً فإذا قيل له اعتزل فلم يعتزل لم يكن إماماً وكان الإمام الذي يقال له اعتزل ولم يأب ذلك‏.‏

  واختلفوا في الإمامة هل تتوارث

فقال قائلون‏:‏ هي وراثة وقال آخرون‏:‏ ليست بوراثة‏.‏

واختلفوا هل للإمام أن يوصي إلى غيره في جهة وجوب الإمامة‏:‏ فأجاز ذلك قوم وأنكره آخرون‏.‏

  واختلفوا هل الدار دار إيمان أم لا

فقال أكثر المعتزلة والمرجئة‏:‏ الدار دار إيمان‏.‏

وقالت الخوارج من الأزارقة والصفرية‏:‏ هي دار كفر وشرك‏.‏

وقال جعفر بن مبشر ومن وافقه‏:‏ هي دار فسق‏.‏

وقال الجبائي‏:‏ كل دار لا يمكن فيها أحداً أن يقيم بها أو يجتاز بها إلا بإظهار ضرب من الكفر أو بإظهار الرضى بشيء من الكفر وترك الإنكار له فهي دار كفر وكل دار أمكن القيام بها والاجتياز بها من غير إظهار ضرب من الكفر أو إظهار الرضى بشيء من الكفر وترك الإنكار له فهي دار إيمان وبغداذ على قياس الجبائي دار كفر لا يمكن المقام بها عنده إلا بإظهار الكفر الذي هو عنده كفر أو الرضى كنحو القول أن القرآن غير مخلوق وأن الله سبحانه لم يزل متكلماً به وأن الله سبحانه أراد المعاصي وخلقها لأن هذا كله عنده كفر وكذلك القول في مصر وغيرها على قياس قوله وفي سائر أمصار المسلمين وهذا هو القول بأن دار الإسلام دار كفر ومعاذ الله من ذلك‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الدار دار هدنة ولم يقولوا أنها دار إيمان ولا قالوا أنها دار كفر وهذا قول بعض الروافض‏.‏

  واختلفوا في أحكام الجائر على مقالتين

فقال قائلون‏:‏ هي جائزة لازمة إذا كانت على الحق وإن كان جائراً‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لا تلزم أحكامه ولا يلتفت إليها‏.‏

فقال قائلون‏:‏ يمضي حكمه وقال قائلون‏:‏ لا بل يرجع عنه ويرد إلى الصواب‏.‏

  واختلفوا في قتال البغاة

على ثلاثة أقاويل‏:‏ فقال قائلون‏:‏ لا يتبع من يولى منهم ولا يغنم أموالهم ولا يجاز على جرحاهم وقال قائلون‏:‏ بل يتبع من ولي منهم ويجاز على جرحاهم ويغنم أموالهم وقال قائلون‏:‏ يغنم ما حوى عسكرهم وما لم يكن في عسكرهم من أموالهم لم يغنم‏.‏

  واختلفوا في دفن البغاة وتكفينهم والصلاة عليهم وسبي ذراريهم

فقال قائلون‏:‏ يدفن قتلاهم ويكفنون ويصلى عليهم ولا تسبى ذراريهم وقال قائلون‏:‏ لا يدفنون ولا يصلى عليهم ولا يكفنون وتسبى ذراريهم وهذا قول الخوارج وغيرهم‏.‏

واختلفوا في قتل البغاة غيلة‏:‏ فمنهم من أجاز ذلك ومنهم من لم يجز الغيلة وكان في المعتزلة رجل يقال له عباد بن سليمان يرى قتل الغيلة في مخالفيه إذا لم يخف شيئاً وقد ذهب إلى هذا قوم من الخوارج وقوم من غلاة الروافض حتى استحلوا خنق المخالفين لهم وأخذ أموالهم وإقامة شهادة الزور عليهم واستباحوا الزنا بنساء مخالفيهم‏.‏

واختلفوا في المقدار الذي يجوز إذا بلغوا إليه أن يخرجوا على السلطان ويقاتلوا المسلمين‏:‏ فقالت المعتزلة‏:‏ إذا كنا جماعة وكان الغالب عندنا أنا نكفي مخالفينا عقدنا للإمام ونهضنا فقتلنا السلطان وأزلناه وأخذنا الناس بالانقياد لقولنا فإن دخلوا في قولنا الذي هو التوحيد وفي قولنا في القدر وإلا قتلناهم وأوجبوا على الناس الخروج على السلطان على الإمكان والقدرة إذا أمكنهم ذلك وقدروا عليه‏.‏

وقال قائلون من الزيدية‏:‏ أقل المقدار الذي يجوز لهم الخروج أن يكونوا كعدة أهل بدر فيعقدون الإمامة للإمام ثم يخرجون معه على السلطان‏.‏

وقال قائلون‏:‏ أي عدد اجتمع عقدوا للإمام ونهضوا إذا كان من أهل الخير ذلك واجب عليهم‏.‏

وقال قائلون‏:‏ إذا كان مقدار أهل الحق كمقدار أهل البغي لزمهم قتالهم لقول الله تعالى‏:‏ ‏"‏ الآن خفف الله عنكم ‏"‏‏.‏

واختلفوا هل يكون الظهور إلا مع إمام وهل يكون قطع السارق وأخذ القود وإنفاذ الأحكام إلا بإمام‏:‏ فقال عباد بن سليمان‏:‏ لا يجوز أن يكون بعد علي إمام وأن المسلمين إذا أمكنهم الخروج خرجوا فأنفذوا الأحكام وقطعوا السراق وأقادوا وفعلوا ما كان يلزم الأيمة فعله‏.‏

وقال الأصم وابن علية‏:‏ إذا كانوا جماعة لا يجوز على مثلهم أن يتواطئوا ولم تلحقهم ظنة ولا وقال قائلون وهم أكثر المعتزلة‏:‏ لا يكون الخروج إلا مع إمام عادل ولا يتولى إنفاذ الأحكام وقطع السارق والقود إلا الإمام العادل أو من يأمر الإمام العادل لا يجوز غير ذلك‏.‏

وقالت الروافض‏:‏ لا يجوز شيء من ذلك إلا للإمام أو من يأمره‏.‏

  واختلفوا في المكاسب هل هي جائزة أم لا

فقال قائلون بتحريم المكاسب والتجارات وقالوا‏:‏ لا يجوز بيع ولا شرىً حتى يظهر الإمام على الدار ويقسمها لأن الأشياء التي فيها لا ملك للناس عليها لفسادها ولكون الغصب والظلم فيها وهم يرون أن يسألوا الناس ما يكفيهم لقوتهم وما فضل عن ذلك لم يروا أخذه وليس يسألون الناس على أن الناس يملكون شيئاً عندهم ولكنهم إذا نظروا إلى أنفسهم تتلف سألوا الناس شيئاً وأقاموا ما يأخذونه مقام الميتة للمضطر وهذا قول طوائف من المعتزلة وهو مذهب قوم تكاسلوا عن التجارات وقد جرى مجراهم قوم من أهل لتوكل وتركوا الأعمال وتكاسلوا عنها وقالوا‏:‏ إذا توكلنا حقيقة التوكل جاءتنا أرزاقنا واستغنينا عن الاضطراب‏.‏

فقال أكثر الناس أن المكاسب من وجهها جائزة والبيع والشرى جائز إلا فيما عرفناه حراماً بعينه فأما ما لم نعرفه حراماً ورأيناه في أيدي قوم جائز لنا أن نشتري منهم وجائز لنا البيع والتجارة والأشياء على ظاهرها والدار دار إيمان لا يحرم فيها شيء إلا ما عرفناه حراماً‏.‏

فقال قوم‏:‏ يجوز أن نبايعه ونشتري منه إلا ما كان من آلات الحرب وقال قوم‏:‏ لا يجوز لنا مبايعته ولا الشرى إلا أن يرجع عن الفتة حتى نلجئه بذلك إلى ترك البغي‏.‏

واختلفوا فيمن اشترى جارية بمال حرام بعينه‏:‏ فقال قائلون‏:‏ إذا اشترى بذلك المال الحرام بعينه كان البيع منتقضاً لا يجوز ولكن إذا اشترى لا بذلك المال بعينه كان البيع منعقداً وكان المال في ذمة المشتري وقال قائلون‏:‏ جائز البيع والشرى وإن كان اشترى بعين ذلك المال‏.‏

  واختلفوا فيمن حج أو قضى فرضاً من مال حرام

فقال قائلون‏:‏ لا يكون مؤدياً للحج ولا للفرض إذا كان المال الذي حج به حراماً وقال قائلون‏:‏ حجه ماض وكذلك الفرض الذي قضاه والمال في ذمته‏.‏

واختلفوا إذا ذبح بسكين مغتصبة‏:‏ فقال قائلون‏:‏ لا تكون الذبحية ذكية وقال قائلون‏:‏ هي ذكية‏.‏

واختلفوا في الطلاق لغير العدة‏:‏ فقال أكثر الناس‏:‏ عصى ربه وبانت منه امرأته وكذلك إذا طلقها ثلاثاً فقد لحقها الطلاق ثلاثاً‏.‏

وقال قائلون‏:‏ لا يقع الطلاق لغير العدة وليس طلاق الثلاث شيئاً ولا يقع الطلاق حتى يطلقها واحدة للعدة وهي طاهر من غير جماع ويشهد على ذلك شاهدين ولا يكون غضباناً ويكون قاصداً إلى الطلاق راضياً به وقال قائلون‏:‏ إذا طلقها ثلاثاً كانت واحدة‏.‏

  واختلفوا في المسح على الخفين

فقال أكثر أهل الإسلام بالمسح على الخفين وأنكر المسيح على الخفين الروافض والخوارج‏.‏

  واختلفوا في الفرائض هل فرضت لعلل أو لا لعلل

فقال قائلون‏:‏ فرض الله الفرائض وشرع الشرائع لا لعلة وإنما يكون الشيء محرماً بتحريم الله إياه محللاً بتحليله له مطلقاً بإطلاقه له لا لعلة غير ذلك وأنكر هؤلاء القياس في الأحكام‏.‏

وقال قائلون‏:‏ إن الله سبحانه حرم أشياء عبادات وحرم أشياء لعلل يجب عليها وأنه لا قياس يقاس إلا على أصل معلول فيه علة يجب أن تطرد في الفرع‏.‏

وقال قائلون‏:‏ الأشياء حرمها الله سبحانه وأحلها لعلة المصحة لا غير ذلك وإنما يقع القياس إذا اشتبه شيئان في معنى قيس أحدهما على الآخر لاشتباههما في ذلك المعنى‏.‏